Mawared موارد

التحسين المستمر للخدمات هو السبيل الوحيد لنجاح الشركات

جميعنا يرغب في تحسين الأمور، والذي يتمثَّل في تحسين ما نقوم به والتوصل إلى أفكار أفضل. غالباً ما تُقدَّم هذه الحتمية كمفهوم يتلخص في “التحسين المستمر للخدمات – Continual Service Improvement”.

لهذا المفهوم أهمية كبرى في مساعدة الموظفين على إدراك أنَّ لديهم مسؤولية تجاه جهود المديرين – التي لا تنتهي – لتحسين الأمور. لقد كُتبَ الكثير عن ضرورة فهم ما المقصود بمصطلح “التحسين للأفضل”، والتي يمكن تلخيصها هنا بالشكل الآتي: “الأفضل في هذه الحالة، هو ما يفضله العملاء”. 

يمكن الوصول إلى هذا عبر إدارة علاقات العمل بصورة صحيحة، وإشراك العملاء في عملية التحسين تلك. ولكن هناك منظور آخر من المفيد استخدامه في مبادرات التحسين خاصتك، إذ يوجد بالفعل طرائق مختلفة لجعل الأمور “أفضل”، والتي غالباً ما نقوم بها جميعها، لكن يبقى من المفيد النظر إليها ووضعها ضمن نطاقها الصحيح.

هل من الأفضل تقديم المزيد من الأشياء نفسها، أم تغييرها جذرياً؟

إذا كان الهدف هو تحسين المؤسسة ككل، فهذا يعطينا نطاقاً واسعاً من منهجيات التحسين، بدءاً من “ترقيع” أسلوب عملنا في أحد الجوانب، وصولاً إلى تغييره جذرياً في جوانب أخرى – مع القيام ببعض الخطوات الضرورية بين الفينة والأخرى.

ولكي نوضح هذا بشكل أفضل، تمعَّن في الصورة الآتية، والتي تظهر أربعة طرائق أساسية لإجراء التحسينات المطلوبة:

 

الزعزعة

القيام بأمورٍ لم تتخيلها من قبل

الإبداع

القيام بأمورٍ لم تكن تقدر على القيام بها من قبل

القيام بأشياء جديدة
الابتكار

القيام بما تقوم به الآن لكن بطريقة مختلفة

التحسين

القيام بالأشياء نفسها بالطريقة نفسها، لكن بصورة أسرع وأسهل وأرخص وأكثر أماناً أقل ضرراً

القيام بالأشياء نفسها بطرائق جديدة

⇢/⇡

لقد استُخدِمت بعض الكلمات الطنانة في أيامنا هذه مثل “الزعزعة – disruption” و”الابتكار – innovation” ولكن بالطبع، هذه ليست أفكاراً منفصلة ومتفردة، وليس كل منها معزولة عن الأخرى كما تظهرها هذه الصورة، فهي مجرد أداة مفيدة بالنسبة لنا لتصوُّر واستنباط أفكار التحسين وفهمها وتوضيحها، والتي يمكن أن تندرج إحداها في واحدة من هذه الفئات، أو أكثر.

يمكننا استخدام هذه الأداة بطرائق عدة، بما في ذلك معرفة التوازن الذي نتمتع به عبر فئات التحسين المختلفة، ومحاولة جعله متوافقاً مع حالتنا وفرصنا ومتطلباتنا بصورةٍ أكبر.

كيف نطبق هذه الأداة في حياتنا العملية؟

فلنضع – مؤقتاً – بيئة العمل المعقدة والمتطورة جانباً، ولنشرح مفهوم التحسين المستمر باستخدام سيناريو يحدث في المنزل، شيء بسيط ببساطة تنظيف المطبخ:

  • قد يجعلنا “التحسين – refinement” – في المربع الأول، الأسفل إلى اليسار – نستخدم مواد تنظيف أفضل، أو ننظف بقوة أكبر أو نطيل عملية التنظيف.
  • بالانتقال يميناً إلى “الابتكار – innovation”، نحن نجري تغييرات على نهجنا: ربما ننظف المطبخ في أثناء الطهي، أو بعد كل وجبة، وليس مرة أو مرتين في الأسبوع كمَهمَّة منفصلة.
  • يمكن أن يكون “الإبداع – Invention” – في أعلى اليسار – مدفوعاً بتقنية ثوريةٍ جديدة، مثل أفران تنظف نفسها بنفسها، أو مقلاة عميقة محكمة الإغلاق، بدلاً من مقلاة عادية ترشق الزيت في جميع أرجاء المطبخ، أو أيُّ أدواتٍ لطالما تمنينا وجودها وامتلاكها من قبل، والتي قد تصبح حقيقة واقعة، وتتاح لنا إمكانية اقتناؤها.
  • أما المربع في أعلى اليمين “الزعزعة – disruption”، فهو المكان الذي نقوم فيه بخرق جميع القواعد الموضوعة، وزعزعة الوضع الراهن، مدفوعين بتوجهات جديدة توجِدُ طرائق ثورية للتفكير في النتائج التي نسعى إليها، بدلاً من البناء على ما يتوفر بين أيدينا من حلولٍ آنيَّة. 

لذا، ربما تكمن أفضل طريقة لإبقاء المطبخ نظيفاً في تناول الطعام في الخارج كل ليلة، أو طلب وجبات سريعة، أو تناول الطعام في العمل قبل العودة إلى المنزل مساءً. ولعلنا عندما نخفض التكلفة عبر عدم طهي الطعام في المطبخ، وجلب وجبات جاهزة وصحية، نصل إلى حلٍّ أرخص وأسهل وأفضل، لكنَّه مختلف جذرياً عما نقوم به الآن.

ينطبق هذا المفهوم على الحالات جميعها، ويتطلب الأمر أحياناً بعض الوقت والجهد لنرى أين نركز اهتمامنا حالياً، وأين قد نرغب في تركيز مجهوداتنا لاحقاً.

التوازن وقيمة جميع الأجزاء

إنَّه لمن المغري التفكير في أنَّه يجب علينا السعي جميعاً لإيجاد الحلول في الجزء العلوي الأيمن – أي الزعزعة، لكن هذا ليس هو الحال بالضرورة، إذ تحتاج معظم المنظمات إلى تدفق مناسب للأفكار من بقية المربعات الأخرى للقيام بتغييرات مفيدة.

الأفكار الإبداعية المزعزعة القابلة للتطبيق نادرة الوجود، وغالباً ما تُبطل وتلغي معظم التحسينات الأخرى. صحيح أنَّنا بحاجة إلى التعرف على الفرص والقوة الكامنة في مثل هكذا تغييرات، لكن هذا لا يعني أن نتجاهل الطرائق اليومية التي يمكننا من خلالها تحسين الأمور، ففي الوقت الذي قد تقرر بعض المنظمات فيه حاجتها إلى تركيز مجهودات التحسين لديها في الزاوية اليمنى العليا من مصفوفة التحسين هذه، تجد مؤسسات أخرى أنَّه يتعيَّن عليها أن تكون أكثر واقعية، وتوجد لنفسها وتنفِّذ تحسينات بسيطة تجلب لها قيمة سريعة.

وكما هو الحال دائماً، تكمن الحنكة في الرجوع خطوة إلى الوراء، ومن ثمَّ تقييم الموقف، واختيار التصرف الأنسب وفقاً لذلك. ولعلَّ هذه المصفوفة تكون أداة مفيدةً تُسهِّل علينا القيام بذلك (لا ضيرَ في الحفاظ على نظافة المطبخ أيضاً!).

Share the post

error: